أهمية الموقع الجغرافي للعالم الإسلامي

أن العالم الإسلامي يشغل كتلا ونطاقات عظيمة علي خريطة العالم، وهي وإن كانت غير متصلة في بعض أجزائها ، إلا أنها تمتد من ساحل أفريقيا الشمالية المطل علي المحيط الأطلنطي غربا إلي أقصي الجزر الاندونيسية المطلة علي المحيط الهادي شرقا ، ومن خط عرض ٥٢° جنوبي خط الاستواء إلي خط عرض ٥٥° شمالا قرب الدائرة القطبية الشمالية .
وبذلك يمتد العالم الإسلامي بالنسبة لدوائر العرض خلال ٥٧ درجة عرضية تشتمل علي عدد كبير من الأقاليم الطبيعية(مناخية ونباتية) بعضها ينتمي إلي العروض المدارية الحارة وبعضها الآخر يقع في العروض المعتدلة .
كل هذا يعني تنوعا وتعددا في موارد الثروة النباتية والحيوانية والزراعية في أجزاء العالم الإسلامي المختلفة، التي تبلغ مساحتها مجتمعة نحو ٣١مليون كيلو متر مربع وهو ما يعادل ٢٢% تقريبا من إجمالي مساحة اليابس في العالم أو ما يوازي مساحة القارة الأفريقية وثلاثة أمثال مساحة القارة الأوروبية تقريبا، كما يقرب من مساحة (الإتحاد السوفيتي ) والولايات المتحدة معا .
أولا :- الأهمية الاستراتيجية.
كان لامتداد العالم الإسلامي فوق مناطق متعددة الجبهات والظروف الجغرافية أثر في أن يشغل العالم الإسلامي موقعا استرتيجيا ممتازا بين مناطق العالم الأخري ، فعلي الرغم من أن هناك بعض دول إسلامية داخلية الموقع ولا تطل علي أي بحار مفتوحة مثل أفغانستان في أسيا ( فضلا عن جمهوريات آسيا الوسطي الإسلامية ) وتشاد والنيجر ومالي في أفريقيا.
إلا أنه يندر أن نجد منطقة أخري في العالم تطل علي مثل هذا العدد الكبير من المسطحات المائية المفتوحة ، والتي تمثل في ذات الوقت أهم طرق النقل البحري في العالم .
فمن جهة الغرب يشارك العالم الإسلامي مناطق العالم الأخري المطلة علي المحيط الأطلنطي الشمالي ، الذي يتميز بأضخم حركة ملاحية في العالم سواء بالنسبة لسفن نقل البضائع او ناقلات البترول ، ويمر به أكثر من نصف تجارة العالم .
ويمتد من المحيط الأطلنطي ذراع بحري هام يتمثل في البحر المتوسط الذي شهد مولد أولي المدارس الملاحية في العالم ، ولا زال يعج بالحركة وخطوط النقل البحري ، فهو جزء رئيسي من أقصر الطرق التي تربط الغرب بالشرق ، أو المحيطين الأطلنطي والهندي والسواحل الجنوبية والشرقية والشمالية الشرقية للبحر المتوسط كلها سواحل إسلامية.
كما تتحكم الدول الإسلامية في معظم مداخل هذا البحر، إذ تسيطر المغرب علي الساحل الجنوبي لمضيق جبل طارق ، وتتحكم مصر في المدخل الجنوبي لهذا البحر من خلال سيطرتها علي قناة السويس، كما تسيطر تركيا علي مضيقي البسفور والدردنيل اللذين يربطان البحر المتوسط بالبحر الأسود ، الذي يعتبر أهم طريق لإتصالات جمهوريات الكومنولث السلافي (الإتحاد السوفيتي سابقا) بالبحار الدفيئة .
ويطل العالم الإسلامي من جهة الجنوب علي المحيط الهندي، الذي يتميز بحركة بحرية عظيمة تتمثل في نقل خام البترول والمواد الأولية بصفة خاصة ، ويتحكم المسلمون في أهم مداخل المحيط الهندي، فمضيق باب المندب يقع تحت سيطرة اليمن من جهة وجيبوتي من جهة أخري ، كما أن مضيق ملقا – وهو المدخل الرئيسي للمحيط الهندي من الشرق – يقع أيضا في أراضي إسلامية إذ تشرف عليه ماليزيا من ناحية وإندونيسيا من ناحية أخري.
ويمتد من المحيط الهندي ذراعان مائيان هامان من جهة الشمال الغربي وهما البحر الأحمر والخليج العربي الذان يتعمقان في أرض إسلامية صرفة ، فالبحر الأحمر عبارة عن بحيرة إسلامية لأن سواحله الشرقية هي سواحل إسلامية لليمن والسعودية والأردن .
أما السواحل الغربية للبحر الأحمر فهي أيضا سواحل لدول وأقاليم إسلامية تتمثل في مصر ، والسودان، وإقليم ارتيريا، الذي ضمته أثيوبيا ثم جيبوتي .
وهناك أيضا الخليج العربي وإمتداده في خليج عمان وكلها سواحل لبلاد إسلامية ناهيك عن مضيق هرمز وهو موقع إستراتيجي هام يتحكم في الملاحة في الخليج العربي.
يتضح من ذلك أن العالم الإسلامي يملك ويسيطر علي عدد من المواقع الاستراتيجية الهامة علي خريطة العالم، فمضيق جبل طارق يعد مفتاح البحر المتوسط من جهة الغرب ، ولذا يتحكم في جميع طرق الملاحة البحرية التي تربط المحيط الأطلنطي بالبحر المتوسط، ويترواح عرض هذا المضيق ما بين ١٢ و٣٦ كيلو مترا ، وتسيطر المملكة المغربية علي ساحله الجنوبي .
أما قناة السويس، فتعد شريان الملاحة العالمي الرئيسي الذي يربط بين الشرق والغرب وهي تقع ضمن الأراضي المصرية وتتحكم في طرق الملاحة ما بين المحيطين الأطلنطي والهندي .
ويتضح أثر قناة السويس في تقريب المسافات بين الغرب والشرق من أنه في اوقات غلق القناة في أعقاب حرب ١٩٦٧ م اضطرت السفن إلي إستخدام طريق رأس الرجاء الصالح، ومن ثم زادت المسافات زيادة محسوسة ، وبالتالي إرتفعت نفقات الشحن إرتفاعا كبيرا .
وإذا كان طريق القناة مهما لدول أوروبا علي وجه خاص ، فإنه كذلك هام بالنسبة لدول آسيا، فهو للهند مثلا أهم طريق تستخدمه في تجارتها مع أوربا، التي تقدر بحوالي ٧٠% من مجموع تجارتها ، كما أنه طريق هام بالنسبة لإستراليا حيث تعتمد عليه في إرسال ٥٠% من صادراتها إلي أوربا، كذلك فإنه بعد تدفق البترول العربي أصبح طريق السويس أهم الطرق العالمية في نقل البترول منذ عام ١٩٤٩م .
أما مضيق باب المندب فيتحكم في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر بواسطة جزيرة بريم الواقعة في منتصفه، وصخرة عدن التي تمثل حصنا طبيعيا منيعا علي مقربة من مدخل البحر، وتقع إلي الجنوب من الساحل العربي وتتصل به بواسطة لسان ضيق من الأرض، والموقعان اليوم في يد جمهورية اليمن بعد أن ظلا فترة طويلة تحت السيطرة البريطانية، وقد برزت قيمة هذا المضيق من الناحية الحربية في حرب أكتوبر ١٩٧٣م .
أما مضيق هرمز ، فيتحكم في مدخل الخليج العربي من ناحية الجنوب، حيث تمر عبره أضخم ناقلات البترول حاملة بترول الخليج إلي الاسواق العالمية، كما يقع هذا المضيق علي طريق خطوط الملاحة العالمية ما بين الشرق والغرب ، وكانت بريطانيا تسيطر عليه إلي عهد قريب حتي استقلت دول الخليج العربي فعادت سيطرة العرب والمسلمين وإشرافهم عليه .
الموقع الجغرافي والسياسة الدولية .
إن كل الخصائص التي تتعلق بالموقع الجغرافي كانت مسئولة قديما وحديثا عن المحاولات التي قامت وتقوم بها القوي السياسية الكبري في العالم لفرض نوع من السيادة أو النفوذ أو الإحتلال العسكري المباشر علي كثير من مناطق العالم الإسلامي ، لأهميتها الذاتيه من ناحية ، وأهميتها في تحقيق السيطرة العالمية علي الأقاليم التي تحف بها وتصل بينها من ناحية ثانية، وأهميتها في تحقيق التوازن بين القوي السياسية الكبري المتنازعة من ناحية ثالثة .
ولقد كان الأشوريون اول من أدرك ضرورة الإستيلاء علي رأس الخليج العربي، وعلي الساحل الشرقي للبحر المتوسط حتي يسودوا العالم القديم المعروف في ذلك الوقت ، وكذلك فعل الفرس حين أحكموا السيطرة علي البحار التي تتخلل العالم الإسلامي لتحقيق سيطرتهم علي العالم المحيط به ، وقد فعل الإسكندر الأكبر في القرن الرابع قبل الميلاد ، ومن بعده الرومان في القرن الثاني قبل الميلاد ما فعله الفرس من قبل .
وفي العصور الوسطى شهد العالم الإسلامي الزحف المغولي للشرق ، كما طمع فيه الصليبيون ، تماما كما طمعت فيه الدول الأوربية في العصر الحديث، وكان بذلك ميدانا للمعارك والحروب .
وفي نهاية العصور الوسطى سيطر العثمانيون علي كثير من مناطق العالم الإسلامي لمدة أربعة قرون أو نحو ذلك ، وأصبحت جزءا من الدولة العثمانية الممتدة من وسط أوربا غربا إلي حدود إيران والمحيط الهندي شرقا .
فلما انهارت الدولة العثمانية في أعقاب الحرب العالمية الأولى، تبين للدول الإستعمارية الكبري أن احكام سيطرتها علي مستعمراتها ومناطق نفوذها في الشرق لا تتحقق إلا إذا سيطرت علي قلب العالم الإسلامي وعلي القواعد والمواقع ذات الأهمية الاستراتيجية المنتشرة في ارجائه والواقعة علي طريق المواصلات الرئيسية بين تلك الدول ومستعمراتها فتقاسمت كثيرا من أقطار العالم الإسلامي بينها ، وأنشأت القواعد البحرية والجوية في أرضه حتي نشبت الحرب العالمية الثانية، فأتخذت من بعض المناطق العربية ميدانا رئيسا من ميادين القتال ، ومركزا للتموين والقيادة .
وما كادت الحرب العالمية الثانية تنتهي حتي برزت أهمية موقع الوطن العربي -قلب العالم الإسلامي- وطرق مواصلاته، وثروته البترولية ، بالنسبة لأطماع الكتلتين الشرقية وعلي رأسها الإتحاد السوفيتي، والغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة، وإذا بالكتلتين المتصارعتين علي السيادة في عالم ما بعد الحرب تتسابقان، تريد كل منهما أن يكون لها النفوذ والسيطرة الكاملة علي تلك الرقعة .
وظلت الحرب الباردة لفترة من الوقت حتي شهدت الكتلة الشرقية انفراط الإتحاد السوفيتي، وانفردت الولايات المتحدة بالسيادة العالمية بصفة عامة والسيادة في منطقة الشرق الأوسط بعد أن تحررت الكويت في أعقاب احتياج العراق لها .
ثانيا :- الأهمية الحضارية.
فمن الناحية الحضارية فإن العالم الإسلامي– ولا سيما منطقة القلب منه – بحكم كونه منطقة التقاء وإتصال ليس بين اليابس واليابس فحسب ، بل بين اليابس والماء أيضا، وبحكم إعتدال مناخه في بعض اجزاءه ، وملاءمة بعض مناطقه لحياة الاستقرار، كل هذه الخصائص ذات الصلة بالموقع الجغرافي قد أسهمت في نشأة أقدم الحضارات الإنسانية في أحضان العالم الإسلامي نشأة ذاتية ، حين أخذت تستقر الجماعات علي ضفاف الأنهار وعلي مقربة من موارد المياة ، تزرع الأرض وتستأنس الحيوان ، وتصنع الأدوات والفخار في وادي النيل وأرض الرافدين وسوريا واليمن والهوامش الساحلية علي البحر المتوسط.
ومن ناحية أخري، فإن الموقع الجغرافي لهذا العالم أسهم كذلك في خلق الظروف المناسبة التي ساعدت علي انتشار تلك الحضارات في الأوطان الأخري المحيطة به ، فكانت الحضارات تجد مجالا مفتوحا أمامها لأن تمتد في الإتجاه الشرقي إلي الأرض الأسيوية ، وفي الإتجاه الغربي عن طريق البحر المتوسط والجزر المنثورة في ارجائه ، إلي الأرض الأوروبية، كما صعدت الحضارة المصرية جنوبا مع مجري النيل لكي توغل في اليابس الإفريقي.
كذلك فإن قلب العالم الإسلامي بموقعه المتوسط الفريد كان هو المنبع الأصيل للديانات السماوية التي صاغت للعالم عقائده ومظاهر إيمانه وانتشرت منه إلي الأقطار المحيطة ، بل إلي ارجاء العالم بأسره فيما بعد .
ثالثا:- الأهمية الإقتصادية.
وأما عن أهمية الموقع الجغرافي في النقل والمواصلات لخدمة النشاط الإقتصادي العالمي :-
فقد كانت أهم ظاهرة يمتاز بها العالم الإسلامي بحكم هذا الموقع هي أنه منطقة عبور وحركة ، وملتقي للتجارة والتجار من الشرق ومن الغرب ، وحلقة ربط وإتصال بين تلك الأقاليم المتباينة مناخا وإنتاجا، والتي تحف به من الشمال ومن الجنوب ، وقد أتاح ذلك العرب والمسلمين خلال العصور المختلفة احتكار النقل والقيام بدور الوساطة التجارية بين الشرق والغرب، عبر اليابس والماء علي السواء .
طريق التجارة القديمة في العالم الإسلامي.
وقديما كانت هناك عدة طرق رئيسية تمر فيها التجارة عبر العالم الإسلامي في كل من الجناحين الأسيوي والأفريقي.
ففي الجناح الآسيوي، اتخذت التجارة بين الشرق والغرب الطرق الرئيسية الآتية :-
١-طريق الهلال الخصيب :- حيث كانت السفن تتجه من اقاليم شرقي آسيا والهند عبر المحيط الهندي ثم البحر العربي إلي المواني العربي علي الخليج العربي ثم تحملها قوافل التجارة عبر سهول دجلة والتقاء الطرق بها ، ومن الأمثلة علي ذلك نشأة مدن دمشق وحمص هناك تنقلها سفن البنادقة وغيرهم إلي أوربا.
وكان من نتائج النشاط التجاري عبر هذا الطريق ان تحولت بعض المراكز والمرافئ البحرية إلي مراكز حافلة بمظاهر التبادل التجاري في البصرة وبغداد ، كما أن معظم مراكز العمران التي تقع في ظهير ساحل البحر المتوسط بارض الشام ، قامت علي أساس خدمة التجارة العابرة، والتقاء الطرق بها ، ومن الأمثلة علي ذلك نشأة مدن دمشق وحمص وحماه .
٢- طريق شبه الجزيرة العربية:- حيث كانت السفن تصل من مواني شرقي البلاد وجنوبها إلي جنوب الجزيرة العربية وخاصة إلي ميناء عدن ، ثم تحمل السلع بعد ذلك بواسطة القوافل عبر شبه الجزيرة في قسمها الغربي إلي مواني الشام فالبحر المتوسط فأسواق أوربا.
٣- طريق مصر:- حيث كانت السفن تأتي من الشرق وتمضي إلي البحر الأحمر ، وترسو في ميناء عيزاب(المواجه لميناء جده) ، ومن هناك تسلك التجارة طريق القوافل إلي قفط وقوص علي النيل، ثم تتجه شمالا إلي ميناء الإسكندرية أو تتم رحلتها في البحر الأحمر إلي ميناء القلزم (السويس ) ثم تسلك طريق القوافل حتي مجري النيل ، ثم تحملها السفن مره أخري إلي المواني الشمالية لمصر ، دمياط ، والإسكندرية ، ومنها إلي أوربا.
٤- طريق الحرير:-كان هذا الطريق منذ أقدم العصور أحد الطرق البرية الهامة وكان يربط بلاد الصين ببلاد شرق البحر المتوسط في وقت كانت التجارة البرية من المؤثرات الحضارية والثقافية الهامة التي جعلت العالم الإسلامي يتصل ببعضه البعض وبغيره من أجزاء الدنيا ، وقد نشأت علي هذا الطريق – بعد انتشار الإسلام- كثير من المدن مثل طشقند وسمرقند وبخاري.
وفي الأطراف الغربية من العالم الإسلامي كانت بلاد المغرب وليبيا بحكم موقعها حلقة إتصال بين أفريقيا الزنجية من ناحية وأوروبا من ناحية أخرى، ومن غير المعروف أن الإبل لم تدخل الصحراء الكبري إلا في وقت متأخر لعله العهد الروماني ، علي أنه ما كاد استخدام الإبل يعم بين السكان حتي بدأ نظام القوافل وما يتبعه من تطورات إجتماعية واقتصادية، وأصبحت خطوط القوافل تتجه بين (الشمال والجنوب) ، أي بين إقليمين يختلفان في كيانهما الإقتصادي .
وقد ظلت هذه القوافل وقتا طويلا تحمل من الجنوب طائفة من الحاصلات المدارية كالعاج وريش النعام وغيرهما، وتحمل من الشمال حاصلات البحر المتوسط والمنتجات الأوروبية .
ويقوم المسلمون بذلك بدور الوساطة التجارية في غرب العالم الإسلامي – شأن إخوانهم في وسط العالم وشرقه- ويحملون معهم عقيدتهم والوانا من حضارتهم تتضح آثارها اليوم في غرب أفريقيا جنوب الصحراء .
وقد ظل العالم الإسلامي ملتقي التجارة والقوافل من الشرق ومن الغرب ومن الشمال ومن الجنوب، واستمرت تلك الطرق حافظة لأهميتها العالمية حتي العصور الوسطى، ثم أخذت تضمحل لظروف سياسية خاصة حين وقع معظم العالم الإسلامي تحت سيطرة الأتراك العثمانيين، إذ تحولت التجارة إلي طرق أخري بعد أن إكتشف الأوروبيون طريق رأس الرجاء الصالح وانكمشت مؤقتا حركة النقل والمواصلات عبر العالم الإسلامي.
علي أن أهمية العالم الإسلامي كحلقة إتصال بين الشرق والغرب ، وقنطرة عبور للتجارة والمواصلات العالمية، ازدادت شأنا حين شقت قناة السويس وتقدمت العلوم ونمت الصناعات الآلية في أوروبا واتسعت حركة الإستعمار الأوربي في آسيا سعيا وراء الحصول علي المواد الخام اللازمة للصناعة النامية، والأسواق لتصريف المنتجات التي ضاقت بها أسواق أوربا .
وبشق قناة السويس اتصلت مياة البحرين المتوسط والأحمر ، وفتح طريق رئيسي للمواصلات البحرية العالمية بين الشرق والغرب.
فلما جاء عصر الطيران أبرز مرة أخري ما لموقع العالم الإسلامي من أهمية خطيرة في المواصلات العالمية، وإذا بالخطوط الجوية العالمية تكاد تتبع المسالك المائية والبرية القديمة ، طريق الشام والعراق والخليج إلي الهند والشرق الأقصى، وطريق الهوامش الشمالية والأفريقية إلي شرق وغرب وجنوب القارة ، وأصبحت مطارات القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد والجزائر والدار البيضاء وغيرها تخدم النقل الجوي العالمي عبر قارات العالمين القديم والجديد معا في الإتجاه الشرقي – الغربي وفي الإتجاه الشمالي – الجنوبي .
ولعل الإلتزام بمرور الطائرات العربية لا يبرره الموقع الجغرافي بل قد يبرره أيضا العامل التضاريسي، ذلك لأن الطبيعة السهلية تغلب علي كثير من الأنحاء ، كما قد يبرره العامل المناخي الذي يتمثل في السماء الصافية التي تظل معظم الأقطار معظم العام.
ولقد عظمت أهمية الموقع الجغرافي للعالم الإسلامي وإزداد شأنا سواء في وقت السلم او في وقت الحرب بعد الكشف عن البترول ولا سيما في منطقة الخليج العربي، وتدفقه بغزارة في كثير من ارجائه ، فمدت الأنانيب التي تنقل البترول عبر الصحاري العربية من مناطق إنتاجه إلي ثغور تصديره علي السواحل العربية ومنها إلي أوربا وأمريكا وشرق آسيا، كما أنه بإكتشاف البترول زادت أهمية قناة السويس بالنسبة لضرورة مرور جزء كبير من هذا البترول عبر القناة شمالا إلي غرب أوربا وأمريكا الشمالية.
اقرا ايضا: الموقع الجغرافي للعالم الإسلامي