تاريخ واثار

نشأة الدولة العثمانية وعوامل نموها

أصل الأتراك العثمانيين

يعود أصل الأتراك سكان تركيا الآن _ شبه جزيرة أسيا الصغري إلي السلاجقة، الذين ينتمون إلي (الغز) [1] الذين كان موطنهم يمتد من حدود الصين حتي شواطئ بحر الخزر (قزوين) وكانوا علي اتصال دائم ببلاد ما وراء النهر خاصة مناطق التركستان الشرقية .

والأتراك العثمانيون ينتمون إلي قبيلة (قابي) وهي إحدي قبائل _ التركمان _ أو الأتراك الغز .

ويري البعض أن الأتراك العثمانيين والتتار يعودون إلي أصل واحد وأنهما فرع من المغول

قيام الدولة العثمانية

أما قيام الدولة العثمانية فتختلف روايات المؤرخين حول قيام هذه الدولة وتأسيسها فتذكر إحدي هذه الروايات أن مؤسس هذه الدولة هو (أرطغرل) بن سليمان شاه التركماني قائد إحدي قبائل الترك النازحين من سهول أسيا الغربية إلي بلاد أسيا الصغري، وذلك أنه كان راجعا إلي بلاد خراسان بعد موت أبيه (سليمان) غرقا عند إجتيازه نهر الفرات أمام قلعة جعبر، فدفن بجوار القلعة، واشتهر ضريحة هناك ب (ترك مزاري) أي مزار الترك .

وفي أثناء هذا المسير شاهد (أرطغرل) جيشين يقتتلان فوقف علي مرتفع من الأرض ليمتع نظره بهذا المنظر المألوف لدي الرحل من القبائل الحربية ولما آنس الضعف في أحد الجيشين وتحقق خذلانه وانكساره إن لم يمد له يد المساعدة دبت فيه النخوة الحربية ونزل هو وفرسانه مسرعين لنجدة أضعف الجيشين ، حتي هزموا الجيش المنتصر شر هزيمة ، واتضح بعد الحرب أن الذي ساعده من بني جلدته وهو علاء الدين السلجوقي سلطان قونيه (إحدي الإمارات السلجوقية العشرة) [2] وكان الجيش الآخر هو جيش أوكطاي بين جنكيز خان التتري .

ولذلك كافأ علاء الدين السلجوقي أرطغرل علي مساعدته له بمنحه هو وقبيلته جبال طومانيح في المنحدرات الشرقية وإرمني يقضي فيها أفراد عائلته فصل الصيف ، وسهول سكود يقضون في ربوعها فترة الشتاء.

ويري بعض المؤرخين الإنجليز أن الدافع الحقيقي لعلاء الدين السلجوقي في منحهم هذه الأرض ، هو أنه أيقن أن هذه القبيلة علي حظ موفور من الشجاعة والكفاية الحربية ومن ثم ، فلم يطمئن لها، ولذا لم يرغب في إدماجها في قواته ولكنه فكر في التخلص والاستفادة منها في وقت واحد فكان منحه لها هذه الأرض في شمال أسيا الصغري ليبعدها عنه وليشغلها بالحروب مع الدولة البيزنطية المجاورة لها في نيقية في الشمال الغربي لأسيا الصغري.

كما منح علاء الدين السلجوقي(أرطغرل ) لقب (اوج بكي) أي (محافظ الحدود) ولقبت قبيلته بلقب (مقدمة السلطان) لوجودها دائما في مقدمة جيوش السلطان علاء الدين السلجوقي بحيث صار السلجوقي لا يعتمد في حروبه مع مجاوريه إلا علي أرطغرل وقبيلته ، وكان في كل إنتصار يقطعه أراض جديدة وأموالا جزيلة ،وعاش أرطغرل حتي عام ٦٨٧هـ _ ١٢٨٨م وتعتبر جبال طومانيح وسهول سكود هي النواة الأولي للدولة العثمانية وكان ذلك في سنة ١٢٣٢م وهو بداية وجودها .

وتذكر بعض الروايات الأخري أن مؤسس هذه الدوله هو (عثمان بن أرطغرل بن سليمان شاه بن قيا آلب ) رئيس قبيلة قابي إحدي قبائل الغز التركية في بلاد ماهان قرب بلخ حيث كان (سليمان) أميرا في هذه البلاد فحينما اكتسح جنكيزخان أراضي دولة خوارزم شاه [3] سنة ٦١٧هـ هاجر سليمان شاه مع قبيلته مع من هاجر من القبائل من بلاد كردستان ومعه ألف فارس إلي بلاد الأناضول فاستقر في (أخلاط) وهي بلدة في شرق تركيا اليوم وقريبه من بحيرة وان في هضبة أرمينيا _ ثم أراد العودة إلي بلادة متخذا طريقا سهلة إذ سار إلي قلعة جعبر وأثناء عبورهم النهر _الفرات_ غرق سليمان وذلك في ٦٢٨ هـ.

وكان لسليمان أربعة اولاد [4] فعاد اثنان منهما إلي أرضهما الاي خرجوا منها بينما تابع أرطغرل ودندان _ المسير نحو الشمال الشرقي في سهول أرضروم ومعهما أربعمائة أسرة ، ثم تولي أرطغرل زعامة القبيلة، فأرسل إبنه(صاوربني) [5] إلي السلطان علاء الدين السلجوقي سلطان (قونية) كي يلتمس منه مسكنا للقبيلة ومرعي للمواشي ولكن صاوربني مات قبل أن يرجع من مهمته .

وبينما هم علي تلك الحالة إذ بهم يلمحون جيشين يقتتلان من بعيد دون أن يعلموا عن هويتهما شيئا فانخرطوا يقاتلون في صفوف الجيش الضعيف وتم النصر لهذا الجيش الضعيف بمساعدتهم، وتبين لهم فيما بعد أنه جيش المسلمين السلاجقة ، أما الجيش الآخر فكان جيشا بيزنطيا [6] فما كان من السلطان علاء الدين إلا أن كافأ أرطغرل علي ما قام به فلما توفي أرطغرل تولي مكانه أكبر أولاده عثمان بناء علي رغبة السلطان علاء الدين ، حيث نجح عثمان عقب وفاة والده أن يستأثر بالمقاطعات التي كانت تحت حكم علاء الدين السلجوقي واتخد عثمان(اسكي شهر)[7] وهي مدينة قديمة ومشكورة في وسط الأناضول وغربي مدينة قونية _عاصمة له .

الوضع الديني للعثمانيين

كان لصلاة العثمانيين الوثيقة بالسلاجقة المسلمين أثرة في إعتناقهم الإسلام منذ وقت مبكر وهناك رواية مستقاة من الحوليات العثمانية القديمة تقرر أن الأمير(عثمان) [8] بن أرطغرل بن سليمان بن قيا آلب ، قد اعتنق الإسلام حيث يتردد علي منزل العالم (أده بالي) القرماني والذي تطلق عليه المراجع العربية (أدب عالي) حيث كان يقيم في قرية مجاورة لمدينة اسكي شهر .

وفي خلال زياراته كان يلمح إبنة هذا الفقيه واسمها (مال خاتون) فراعة جمالها وطلب يدها من والدها ولكنه رفض، نظرا لما كان هناك من فارق بينه وبين عثمان من الناحية الإجتماعية، ولكن عثمان داوم علي زيارة الشيخ لما لمسه فيه من العلم ولأنه كان يجد عزاء وسلوي في التردد علي الدار التي تضم الفتاة التي شغف بها حبا ، وكان الشيخ لا يرفض أن يستضيف عثمان كلما نزل في رحابه .

وفي إحدي المرات غفا عثمان في منزل الفقيه ورأي في المنام القمر ينبثق هلالا من صدر هذا الفقيه ثم نما وكبر في الحجم حتي اكتمل بدرا ، وعندئذ تواري في ظهره ، ثم خرجت من ظهره شجرة ضخمة باسقة وارفة في الظلال ، امتدت أغصانها ذات اليمين وذات الشمال ، وغطت الفيافي والقفار عبر جبال القوقاز والبلقان وطوروس وأطلس، ومن جذور هذه الشجرة انسابت المياة في أنهار دجلة والفرات والنيل والدانوب .

ثم هبت فجأة ريح قوية حولت أوراق الشجر إلي نسل سيف باتر وكان علي مقبضه خاتم مرصع بالياقوت والزمرد، وقد امسك عثمان بهما معا عندها استيقظ من هذا الإغفاء، ولنا قص علي الفقيه هذه الرؤيا وكان عالما بتأويل الأحلام بشره بأن أسرة عثمان سوف تحكم العالم، ووافق أن يزوجه إبنته، وقام تلميذ للشيخ بعقد قران عثمان علي (مال خاتون) ، وعندما أصبح عثمان أميرا شيد تكية لهذا التليميذ وأوقف عليها أوقافا عظيمة من القري والأراضي الزراعية .

وقد أنجبت (مال خاتون) أورخان بن عثمان في نفس السنة التي تولي عثمان فيها الإمارة وهي (٦٨٧هـ ١٢٨٨م ) .

ويذكر محمد فريد بك أيضا _ أن كوسة ميخائيل أمير مدينة أسكي شهر كان قد طلب من أدب عالي_ زواج_ مال خاتون _ لكن الشيخ رفض ذلك فلما تزوجها عثمان حنق ميخائيل عليه وأراد أن يفتك به فهاجمه في قصر أحد مجاورية وطلب من صاحب القصر أن يسلمه إليه ، فأبي ثم خرج عليه عثمان ومن معه ، ورده علي عقبه ، وأسر كوسة ميخائيل وأحد من كان معه من الأمراء ،ولفرط إعجاب هذا الأمير بشجاعة عثمان تعلق به ،ثم أسلم وبقيت ذريته مشهورة في تاريخ الدولة العثمانية بإسم عائلة ميخائيل.

وتوجد رواية أخري ترجع إسلام الدولة إلي (أرطغرل) والد عثمان

وهي مستقاة أيضا من الحوليات العثمانية القديمة، حيث تقرر أن أرطغرل والد عثمان _ قضي ليلة في دار أحد الزهاد المسلمين وقبل أن يأوي إلي فراشه جاء الزاهد بكتاب وضعه علي رف فسأله أرطغرل عن عذا الكتاب ، فأجابه بأنه القرآن الكريم، فاستفسر منه عن معناه ومحتواه، فقال له صاحب الدار إنه كلام الله المنزل علي سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم المتعبد بتلاوته، والمتحدي بسوره فحمل أرطغرل الكتاب وأخذ يقرأه واقفا حتي الصباح ثم نام فرأي كأن ملاكا يبشره بأنه وذريته سيعلو قدرهم جيلا بعد جيل علي مدي القرون والأدهار لقاء إحترامه للقرآن .

ويري أحد المؤرخين [9]

أن هاتين الأسطورتين ما هما إلا محاولتان لدعم مشروعية حكم العثمانين لدي سائر القبائل التركية في أسيا الصغري بتدخل إلهي .

بينما يؤكد المؤرخ التركي محمد فؤاد كوبريللي [10]

يؤكد بأن إسلام العثمانيين يعود إلي عصور سابقة علي قدومهم إلي أسيا الصغري ويؤكد أيضا أن قبيلة عثمان كانت من القبائل التي وفدت علي الأناضول مع السلاجقة الفاتحين أو بعد الفتح بقليل ، وينفي تماما ما يردده البعض من أنها هاجرت هربا من اضطهاد جنكيزخان لها .

ونحن نميل لرأي محمد فؤاد كوبريللي [11]_ فهو تركي ومتخصص في الدراسات التركية وأن هذه القبائل _قابي _ التي ينتمي إليها العثمانيون كانت تعيش في بلاد خوارزم المملكة المسلمة منذ وقت مبكر [12] حيث كان الوجود الإسلامي يمتد من الصين حتي بحر قزوين ، وكانت تضم بلاد أذربيجان موطن السلاجقة أيضا الذين كانوا يحكمون في أرمينيا بالأناضول ، وأن هذه القبائل العثمانية وفدت إلي الأناضول في مطلع القرن الثالث عشر الميلادي مع السلاجقة الفاتحين ، وكانوا يغيرون علي حدود الدولة البيزنطية كلما واتتهم الفرصه ، ونجح عثمان في تأسيس كيانا سياسيا مستقلا تمثل في الدولة العثمانية، وهذا التفسير غير مستبعد تماما ويتوائم مع طبيعة سكان بلاد الإستبس ووسط أسيا .

ومهما إختلفت الروايات فإن الدولة العثمانية كانت إسلامية منذ نشأتها لأنها كانت تقطن وتنتمي إلي مملكة إسلامية من ذي قبل .

وهكذا تحدد الإسلام عقيدة رسمية للأتراك العثمانيين منذ عهد الأمير عثمان الذي نسبت الدولة إليه وسار عثمان في حكمه علي هدي إيمان عميق وكان متحمسا لعقيدته الدينية وأخضع حكمه لمشورة الفقهاء المسلمين، وأصبح للإسلام أثره الواضح في حكم وسياسة العثمانيين ، وفي مستقبل دولتهم هذا الأثر الذي لا يقل عن أثر الإسلام في الجزيرة العربية منذ سبعة قرون ، فلقد هيأ الإسلام للأتراك العثمانيين وحدة العقيدة وعبأهم بشعور ديني دافق جعلهم متحمسين للإسلام .

ولقد نظرت أوروبا إلي الفتوح العثمانية علي إنها فتوح إسلامية .

وكان العثمانيين في نظر أوروبا هم الرمز الحي المجسد للإسلام لدرجة أن الأوربيين كانوا يطلقون علي المسلم لفظ تركي ، وخلطوا بين العرب والترك، وكان هذا الخلط نتيجة طبيعية وذلك بسبب :

* لأن فتوحات العثمانيين في بلاد البلقان ووسط أوروبا كانت إسلامية.

* وبإسم الإسلام استولي العثمانيون علي جزر البحر المتوسط التي كانت قواعد عسكرية صليبية(جيوب صليبية) .

* وبإسم الإسلام أيضا فتح السلطان محمد الثاني القسطنطينية.

* وبإسم الإسلام أيضا قاد السلطان سليمان المشرع ستة عشر حملة عسكرية في جوف أوروبا حتي دق أبواب فيينا عاصمة النمسا الآن .

* وبإسم الإسلام ساعد العثمانيون المسلمين في شمال أفريقيا إبان كفاحهم ضد الأسبان ونجحوا في أن يحفظوا لشمال أفريقيا عروبته وإسلامه .

ومما هو جدير بالملاحظة _ في هذا الصدد أن المسيحي الذي كان يعتنق الإسلام كان الأوربيون يطلقون عليه انه غدا تركيا ولم يقولوا عنه انه أصبح مسلما ، وهكذا أصبحت كلمة تركي عند الأوربيين مرادفة لكلمة مسلم ، وهكذا زالت فكرة العروبة من أذهان المسلمين وحلت محلها فكرة الإسلام في عمومه تمثلها قوة الأتراك العثمانيين لدرجة أن العروبة لم تعد تثير في أوربا سوي ذكريات قديمة ، تعود إلي ظهوره في شبه الجزيرة العربية منذ القرن السابع الميلادي.

وهكذا وقر في أذهان الأوربيين أن أي نصر عسكري تحققه القوات العثمانية في البر أو البحر إنما هو نصر للإسلام وهزيمة للمسيحية.

وعليه نستطيع أن نؤسس ونؤكد هذه الفكرة التي تكونت ضد الدولة العثمانية في المحافل الدولية عبر تاريخ هذه الدولة أنها تحالفات صليبية ضد الإسلام في لحمتها وسداها وجبهتها روح صليبية جارفة وعليه أيضا نؤكد أن الحروب الصليبية لم تنته بين الشرق والغرب بسقوط عكا آخر معاقل الصليبين في يد المسلمين في سنة ١٢٩١م ، لكنها تتجدد في نفوس الأوربيين وإن اختلفت ميادينها وشخصياتها ودولها والأسلحة التي تستخدم فيها.

وكذلك نظر المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها إلي الدولة العثمانية علي أنها دولة الإسلام الكبري يستظلون بظلها الظليل وأنها هي الأمل المرتجي في إعادة مجد الإسلام الغابر .

هذا فضلا عن غياب القوميات التي ظهرت حديثا لدي الشعوب الإسلامية.

وهكذا كانت الوشيحة الدينية هي الرباط المتين بين الدولة العثمانية والشعوب الإسلامية سواء التي دانت لحكمها ام التي ظلت بمنأي عن سيطرتها .

تأسيس الدولة العثمانية

المكان

تعتبر سهول سكود واسكي شهر وجبال طومانيح وأرمناك في أسيا الصغري التي منحها علاء الدين السلجوقي إلي أرطغرل هي النواة الأولي للدولة العثمانية.

مؤسس الدولة

يعتبر أرطغرل بن سليمان بن شاه بن قيا آلب التركماني هو المؤسس الحقيقي لهذه الدولة .

ففي ٦٨٥هـ/ ١٢٨٦م حاول علاء الدين السلجوقي فتح قلعة كوتاهية واستردادها من البيزنطيين وكان السلجوقي منذ هبوط هذه القبيلة العثمانية في (قونية) عاصمة السلاجقة، وموقفه علي القدرات العسكرية العالية لهذه القبيلة التي كان معها ألف فارس وأربعمائة قبيلة _لا يدخل الحروب إلا وتتقدم جيوشه جيوش هذه القبيلة بقيادة أرطغرل ولذلك فوض علاء الدين _أرطغرل _ في فتح قلعة كوتاهية_ وتفرغ هو إلي رد عادية التتار الذين دأبوا علي التردد في مهاجمة أملاك السلاجقة في أسيا الصغري.

ونجح أرطغرل _في فتح قلعة كوتاهية _ عنوة وأخذها من البيزنطيين وغنم غنائم كثيرة فازداد عند السلطان السلجوقي قربا ومنزله فمنحه لقب أوجبكي_ محافظ الحدود _ ولقبت قبيلته (بمقدمة السلطان) وكانت دولة الروم السلاجقة تمنح هذا اللقب لأي رئيس من رؤساء العشائر أو القبائل يعظم أمره .

لكن طموحات أرطغرل لم تكن لتقف عند هذا الحد ، فأخذ يهاجم بإسم السلطان علاء الدين السلجوقي ممتلكات الدولة البيزنطية المتاخمة له في الحدود وصار يشترك مع السلطان السلجوقي في كل حروبه ضد الدولة البيزنطية فشتت شمل أعداؤه وأباد أثرهم فكافأه علاء الدين بأن أعطاه مدينة اسكي شهر التي أصبحت العاصمة الأولي للدولة العثمانية.

ظل أرطغرل حتي ١٢٨٨م حيث عاش (٩٠) عاما ودفن بمدينة سكود تاركا ثلاثة من اولادة هم عثمان ، وصاروبني، وكوندزألب.

وقد أعجب السلجوقي بشجاعة عثمان فطلب من ابيه أن يقلده قبل وفاته إمارة القبيلة، وفي العام نفسه أنجب عثمان ولده أورخان من زوجته مال خاتون .

ونجح عثمان في تأسيس بناء الدولة والملك ويقال أن نسل آل عثمان يتصل بيافت بن نوح عليه السلام .[13]

وعين علاء الدين السلجوقي عثمان بن أرطغرل في ١٢٨٨ م أميرا علي الإمارة العثمانية عقب وفاة والده مباشرة ، وفي ٦٨٨ هـ/ ١٢٨٩م نجح عثمان الذي نسبت الدولة إليه _ في فتح قلعة قرة حصار_ فمنحه علاء الدين السلجوقي لقب (بك) وأصبح يلقب عثمان بك _ وأقطعه كافة الأراضي والقلاع التي فتحها وأجاز له ضرب العملة وأن يكون الدعاء في الخطبه بإسمه واستمر عثمان في التوسع علي حساب الدولة البيزنطية حتي بلغ شواطئ البحر الأسود وبحر مرمرة وأصبح عثمان بك ملكا بالفعل لا ينقصه إلا اللقب .

وفي سنة ٦٩٩هـ/١٣٠٠م زحف جيش جرار من جماعة التتر علي سلطنة علاء الدين السلجوقي في (قونية) وهزم السلاجقة وشقوا عصا الطاعة علي سلطانهم وجاهروا بعدوانه فهاجر إلي القسطنطينية وتوفي هناك في ١٣٠٧ م . ويقال أن ولده غياث الدين هو الذي تولي قتله طمعا في الملك ولكن التتار قتلوا غياث الدين بن علاء الدين السلجوقي.

وهكذا انقرضت دولة السلاجقة فقام الأهلون جميعا بالمناداة بعثمان بك سلطانا عليهم فجلس علي دسك السلطنة ، واستاثر بالمقاطعات التي كانت تحت حكم علاء الدين وكان ذلك في ١٣٠٠ م .

وتمركز في مدينة قرة حصار ودعاها(باد شاه) ثم حصن أسكي شهر وجعلها مركزا لحكمه وسلطنته أي عاصمة له فكانت أو عاصمة للدولة العثمانية، كما اتخذ الراية التي لا تزال حتي يومنا هذا تشكل العلم التركي المؤلف من الهلال والنجمة علما لدولته .

وأخذ يحكم بالعدل وعمل علي توسيع ملكه وأعلن نفسه سلطانا علي الدولة وهكذا تأسست الدولة العثمانية ولذلك سميت بإسمه ونسبت إليه لأنه هو أول سلاطينها الرسميين .

وهكذا أقيمت الدولة العثمانية علي أنقاض دولة الروم السلجوقية في نهاية القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي.

اشتغل عثمان بك بتوسيع سلطته وتنظيمها وأخذ يرسل إلي جميع أمراء الروم ببلاد أسيا الصغري يخيرهم بين ثلاثة أمور هي الإسلام ،أو الجزية،أو الحرب .

فأسلم بعضهم وانضم إليه ، وقبل بعضهم دفع الجزية، واستعان الباقون علي السلطان عثمان بالتتار واستدعوهم لنجدتهم لكن عثمان لم يعبأ بهؤلاء ، وجهز لمحاربتهم جيشا جرارا قاده ولده أورخان ومعه عدد ليس بالقليل من أمراء الروم الذين انضموا إلي العثمانيين وكان منهم كوسه ميخائيل صديق عثمان ، الذي إختار الإسلام دينا ، ونجح هذا الشبل (أورخان) في أن يكسر شوكة التتر ومن معهم من الروم ، لكن هذه الحرب كانت البداية للصراع بين الروم والعثمانيين الذي امتد أكثر من ستة قرون وكان امتدادا طبيعيا للحروب الصليبية .

وفي ١٣١٧م تحرك عثمان بجيشه نحو بورصة[14] وحاصرها نحوا من عشر سنوات ودخلها أورخان بن عثمان في ١٣٢٦م وعثمان علي فراش الموت ، وذلك حينما أرسل ملك القسطنطينية أوامره لعامله علي بورصة بالإنسحاب ، فدخلها أورخان دون قتال ولم يتعرض لأهلها بسوء مقابل دفع ثلاثين ألف من عملتهم الذهبية وأسلم حاكمها (أفرنوس) وأعطي له لقب بك وصار من مشاهير قواد العثمانيين، وكان عثمان قد أوصي بأن يدفن في بورصة فتم له ذلك في ١٣٢٦م وأصبحت بورصة العاصمة الثانية بعد اسكي شهر للدولة العثمانية منذ ذلك التاريخ.

ومما يجدر ذكره أن عثمان بعد أن أصبح سلطانا في ١٢٩٩/ ١٣٠٠م افتتح عنوة بعض المدن الصغيرة وضمها إلي سلطنته أمثال مدينة أزميد، وأزنيك[15] ،وحصن بورصة في ١٣١٧م. وكذلك شتت شمل التتار ، وهكذا إنتقلت إمارته إلي إسم الدولة العثمانية وأصبح هو سلطانها ولذا سميت بإسمه واتخذ ولده أورخان بورصة عاصمة لدولته الجديدة .

لقد رسم السلطان عثمان سياسته في البلدان ، وكذلك استخدم المغامرين الذين تستهويهم الشهرة في ميادين القتال .

واختار عثمان لنفسه زوجة أخري مسيحية من قليقيا، كما زوج إبنه أورخان من فتاة مسيحية ، وهكذا رافق زواج سلاطين آل عثمان من الاجنبيات بداية نشوء وتأسيس الدولة.

كما اتخذ عثمان كوسه ميخائيل وهو بيزنطي مرتد عن المسيحية إلي الإسلام نائبا له في ميادين القتال .

وصفوة القول في هذه المرحلة المتقدمة أو الأولي من تاريخ تأسيس الدولة أن الذي قواها ونماها الروح الدينية المتأججه ، والطبيعة العسكرية الصارمة، والموقع الجغرافي لإمارتهم ، والظروف والملابسات التي أحيطت بالمنطقة القاطنين بها وهذه هي عوامل نمو الدولة وإتساع رقعتها.

اقرا ايضا: تفاصيل حول حكم العثمانيين للعرب

عوامل نمو الدولة العثمانية

تطور العثمانيون من نظام القبيلة المتنقلة إلي نظام الإمارة المستقرة ثم إلي الدولة الكبري الموطدة ثم إلي الإمبراطورية العظمي المترامية الأطراف التي امتدت إيالاتها في قارات العالم القديم آسيا وأفريقيا وأوروبا ، وغدت من أكبر الدول الإسلامية التي شهدها التاريخ فلقد عاشت الإمبراطورية نحوا من (٦٩٠ سنة) .

وشملت الأرض الممتدة من شمال القوقاز شمالا حتي الصحراء الكبري في وسط أفريقيا جنوبا وحدود المغرب الأقصي غربا .

كما أنها مدت جناحها الشرقي حتي بلاد فارس وجبال كردستان شاغلة مساحة من الأراضي قدرت بأكثر من عشر ملايين ميل مربع (الميل ١٦٠٩ من الكيلو متر) .

واكتسحت الدولة أقاليم مسيحية أوربية فاستولت علي بلاد اليونان ،وشبه جزيرة المورة ،وبلغاريا، ورومانيا ، والصرب، والمجر، وترنسلفانيا، والبوسنة، والهرسك، وألبانيا، والجبل الأسود، وبلغت جيوشها مشارق فيينا عاصمة النمسا في أواسط أوروبا.

واستولت علي مجموعة من جزر البحر المتوسط مثل جزيرتي رودس ،وقبرص، في ١٥٢٢و ١٥٧١ وكريت في ١٦٦٩ أو(إقريطش) كما كان يسميها العرب .

كما دخلت بلاد الحجاز واليمن وفارس تحت الحكم العثماني .

وكذلك بعض البلاد علي الخليج العربي وساحل الملبار في الهند .

عوامل نمو الدولة العثمانية

العامل الأول الذي ساعد علي نمو الدولة العثمانية، كانت روح الجهاد الديني غالبة في إسلام العثمانيين وكان هذا الشعور الديني الجياش من أهم العوامل التي ساعدت علي نمو الدولة العثمانية وإتساع رقعتها .

أما العامل الثاني الذي ساعد علي نمو الدوله العثمانية وهو عامل حيوي آخر وهو الروح القتالية العالية التي كانت من أهم خصائص العثمانيين، فالعسكرية الصارمة قد طبعت أخلاقهم وتصرفاتهم وسياسة دولتهم فهي لم تكن نزعة طارئة بل كانت أصلية استمدوها من بيئتهم الرعوية الأولي في بلاد الإستبس بوسط أسيا .

فلقد استمد العثمانيون قوتهم من هذا الفيض الدائم التدفق من الغزاة والمقاتلين في سبيل الله والدين، الذين وفدوا من أنحاء الأناضول ليقاتلوا ضد أعداء الإسلام[16] ، فلقد تكونت في كل أنحاء الأناضول جمعيات (الأخوة الإسلامية ) من أجل الجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمة الإسلام .

كما اقبل الكثير من المسيحيين علي الإسلام لسماحته التي راعاها وطبقها العثمانيين في معاملة هؤلاء حيث العدل الذي ظهر في تصرفات عثمان في عصر كان مليئ بالجور والظلم .

كان العثمانيون يسترخصون الموت في الجهاد وكانت الصرامة والطاعة العمياء مصاحبة لنشأة إمارتهم ، وكانت الحرب هي واجبهم الأول، واستأثر الجيش بالرعاية والإهتمام الأول من سلاطين آل عثمان، وأصبحت الدولة قاعدة لجيش يجب أن تسخر البلاد لخدمته وفي تزويده بالقوي البشرية والمادية والتعبئة الروحية بين أفراده وأصبح هذا هو المبدأ الذي دان به العثمانيون ولا يبغون عنه حولا .[17]

ولذا أصبح الجيش العثماني يتميز بالتنظيم العسكري الصارم، والتدريبي الدقيق، والعدد والعتاد الوفير ، والأسلحة المتنوعة ،مما ساعده علي الانتصارات الساحقة والخاطفة علي أعدائه .

العامل الثالث الذي ساعد علي نمو الدوله العثمانية ولقد تمثل العامل الثالت في نجاح عثمان بن أرطغرل في وضع النظم الإدارية لإمارته ،بحيث قطع العثمانيون شوطا بعيدا علي طريق التحول من نظام القبيلة المتنقلة إلي نظام الإدارة المستقرة ساعدها علي توطيد مركزها وتطوره إلي دولة كبري .

أما العامل الرابع الذي ساعد علي نمو هذه الدولة فتمثل الفراغ السياسي الممتزج بالموقع الجغرافي في هذا الجزء الشمالي الغربي لشبه جزيرة الأناضول علي الحدود مع العالمين المسيحي والإسلامي فرض عليها اتباع سياسة حربية معينة ، وهي التوسع للحفاظ علي كيانها المستقل بين القوي المحيطة بها مما ساعدها علي التطور والنمو بسرعة مذهلة .

اقرا ايضا: تفاصيل حول اسباب الوعى فى المشرق العربى

فكان لوجود دولة الروم السلاجقة التي أصابها الإعياء الشديد من جراء صراعها مع التتر والبيزنطيين علي مر تاريخها أثره في نهاية الدولة ومقتل آخر سلاطينها علاء الدين السلجوقي في القسطنطينية.

ونتج عن زوال هذه الدولة أن تفككت إماراتها وعددها ثلاث عشر إمارة أسست كل واحدة فيها منهما مستقلة علي أنقاض هذه الدولة وأعلن عثمان استقلاله عن الدولة السلجوقية بإماراته اسكي شهر مقتديا بغيره من الأمراء ،ثم أعلن عن نفسه سلطانا .[18]

كما اصاب الوهن الدولة البيزنطية أيضا نتيجة لتعرضها إلي الغزو الأوربي (اللاتيني) هذا فضلا عن الخلافات المذهبية التي مزقتها وجعلتها لقمة سائغة للعثمانيين. ولإنشغالها أيضا في هذه الفتن والقلاقل المتأججة في بلاد البلقان .

هيأت هذه الأوضاع لدولتي السلاجقة والبيزنطيين الفرصة للدولة العثمانية الفتية أن تملأ هذا الفراغ السياسي والعسكري علي أنقاض الدولتين السلاجقة والبيزنطيين ، هذا فضلا عن الموقع الجغرافي علي حافة العالم المسيحي والذي يسمي لدي المسلمين بدار الحرب ، وعلي حافة العالم الإسلامي والذي يسمي عند المسلمين بدار الإسلام أو(الثغور) .

ونجح عثمان في أن يخضد شوكة هؤلاء البيزنطيين من ذي قبل فأطلق عليه (عثمان غازي حضرتلري مرزبان اليجاه عثمان شاه) وهي تعني (حضرة عثمان الغازي حارس الحدود العالي الجاه عثمان شاه ) .

أضفت تلك السياسة التوسعية في دار الحرب علي الفتوحات العثمانية صبغة الجهاد الديني فرفعت مكانتهم في نفوس وأنظار المسلمين، ونشطت تيار المتطوعين للجهاد، واندفع إليها عدد كبير من مختلف الإمارات التركية الإسلامية، التي قامت علي أنقاض دولة الروم السلاجقة، خصوصا ان العثمانيين كانوا يعلنون عن انتصاراتهم المبهرة علي المسيحيين في مختلف البلاد الإسلامية من خلال وفود خاصة لإبلاغ أمراء وملوك المسلمين بهذه الفتوحات الإسلامية وخصوصا سلاطين الدولة المملوكية في مصر والشام .

ومما يجدر ذكره أن العاطفة الدينية والوشيجة الإسلامية كانت جنسية العالم الإسلامي كله وقتذاك وكانت من أكبر العوامل التي ساعدت الدولة العثمانية في نموها واتساع رقعتها علي حساب العالم الإسلامي في البلاد العربية. وعلي خضوع هذا العالم للعثمانيين ردحا طويلا من الزمان دون عناء يذكر .

فالمسلمون ينظرون جميعا إلي السلطان العثماني علي أنه خليفة المسلمين كلهم وأن جيوشه هي حامية حمي العالم الإسلامي كله .

وتأسيسا علي هذه الطبيعة التي غمرت الشعوب الإسلامية لا نستطيع أن نصف الإحتلال العثماني للعالم العربي والإسلامي بأنه إستعمارا تحت ستار الدين لهذا الرباط العقدي المتين ، الذي جعل السلطان العثماني هو الرئيس الأعلي لأكبر دولة إسلامية عرفها التاريخ ، وهو المهيمن علي الهيئة الدينية الإسلامية الحاكمة، والتي كان يرأسها شيخ الإسلام _مفتي إسلامبول_ وذلك قبل أن يضفي علي السلطان العثماني لقب خليفة ، الذي لم يذكر إلا في أواخر القرن الثامن عشر الميلادي، لأسباب سياسية كان الهدف منها إرهاب الدولة الأوربية الطامعة في ممتلكات الدولة العثمانية .

ومما لا شك فيه أن العاطفة الدينية لدي الشعوب الإسلامية وقتذاك كانت أكثر تأصلا وعمقا في نفوس رعايا الدولة العثمانية من العاطفة القومية أو الوطنية ، وكان من الصعوبة بإمكان فصل إحداهما عن الأخري .

فكان المسلمون ينظرون إلي الدولة العثمانية علي إنها الدرع الواقي الذي يحميهم من شرور الإستعمار الأوربي وأطماعه، وكان المسلمون يطلقون علي الجيش العثماني المرابط في بلادهم اسم (الحامية العثمانية) ولم يذكر البته أنه جيش الإحتلال العثماني، وظلت هذه القواسم المشتركة متأصلة في نفوس المسلمين ودولتهم الكبري للحفاظ علي الروابط الإسلامية وتقاليدها .

حتي النصف الثاني من القرن التاسع عشر الميلادي، وذلك عندما تولد في نفوس العرب المسلمين تيارات فكرية جديدة ، منها أن سلاطين آل عثمان ليسوا خلفاء شرعيين، لأن الخلافة الإسلامية من حق العرب ، ويجب أن تعود إليهم وهذه هي أولي مظاهر الفكرة القومية عند العرب المسلمين، وهي أيضا ممتزجة باعتقاد ديني ومرتبطة بغايات دينية ، ساعد علي ذلك أيضا الأوضاع المتردية للعرب في أواخر القرن التاسع عشر تحت الحكم العثماني المتداعي .

فظهرت التيارات الإصلاحية ثم القوميات العربية[19]، وهكذا ظهرت بعض حوادث التمرد والعصيان علي الدولة العثمانية، قم بها أصحاب عصبيات عسكرية أو زعامات دينية استهدفوا الإنفراد بشؤون الحكم .

لقد عرفت الدولة العثمانية في التاريخ بعدة اسماء فلقد أطلق عليها الدولة العليا ،ثم السلطنة السنية [20] ،وبعد إتساعها في أوروبا وآسيا وأفريقيا، سميت بالإمبراطورية العثمانية، وأيضا بالدولة العثمانية ، وارتاح العثمانيون للقب الإمبراطورية والدولة لإشتمالهما علي لقب عثماني ، حيث إعتزازهم بالإنتساب إلي عثمان مؤسس الدولة .

ولم تستخدم الدولة لقب تركي الذي استخدمه الأوربيون في القرن العشرين ، وكانت الدولة العثمانية لا تستخدم هذا اللقب -التركي_ إلا للقبائل التركية المختلفة من وجهة نظر العثمانيين ، والتي كانت تقطن في آسيا أمثال السلاجقة والتركمان.

وكانوا يتمسكون بلقب عثماني ويستعلون به علي غيرهم من الأجناس التركية الأسيوية المتبربرة، وفي أوائل القرن العشرين استخدم العثمانيون لفظ _تركي_ للفلاح العثماني ولم يكتسب أخلاق وعادات الحضر ، وكانوا يطلقون علي لغتهم (اللغة التركية العثمانية ) .

ويعتبر عام ١٩٢٣ م حين ألغيت السلطنة العثمانية، وأعلنت الجمهورية التركية ،وقيام النظام الجمهوري علي يد مصطفي كمال أتاتورك هو البداية الرسمية لاستخدام العثمانيين للفظ (تركي) .

sozana

كاتب لدى موقع المسافر نيوز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

عفوا قم بتعطيل مانع الاعلانات لتتمكن من استخدام الموقع